{كرومي السامرائي} المدير العام ومؤسـس المنتدى
انا من : العراق عدد المساهمات : 808 العمر : 27
| موضوع: °°° ¤ّ,¸,ّ¤ لحَظًاتً مًسُرًوَقُةَ ¤ّ,¸,ّ¤ ّّ°°° 2011-08-14, 13:48 | |
| °°° ¤ّ,¸,ّ¤ لحَظًاتً مًسُرًوَقُةَ ¤ّ,¸,ّ¤ ّّ°°°
--------------------------------------------------------------------------------
وقف يتطلع من نافذته إلى ذاك الشارع الطويل الذي يمتد أمام بيته ، لقد وعده بالقدوم لأخذه في جولة بالمدينة اليوم ، ولكن كالعادة نسىَ أن يأتي في ظل إنشغاله بعمله . كم ودّ لو أن والده أتى يوما ليستعلم عن حاله بدراسته ، أو سأله إذا كان بحاجة إلى المساعدة في المذاكرة ، ولكن بقيت أمانيه أحلاما في الهواء ، تسبح بلا مرسى . أغلق نافذته بهدوء شديد اكتسبه من حياته النمطية الخالية من أى نشاط ، واستلقى على سريره ، وهو يسحب الغطاء عليه ليغطى كل جسده . وبعد عدة ساعات ، سمع صرير عربة والده وهى تقف على باب البيت ، وما لبث أن سمع وقع أقدامه وهو يصعد الدرج في سرعة ، ويتجه إلى غرفته . " لم يتذكر حتى أن يأتي لغرفتي ويبرر لي سبب تخلفه عن وعده " قالها في داخله ، واغلق عيناه مسلما إياهما لنوم لم يخلف معاده قط . استيقظ في الصباح ، فغسل وجهه ، وسارع بارتداء ملابسه وهو يلبي نداء والدته التي تحثّه على النزول . أنهى أشيائه ، وأخذ ينزل الدرج في عجالة ، وهو يلقي تحيّة الصباح عليها ، ثم تناول فطوره ، وانتظرها لتوصله إلي عربة المدرسة الواقفة بالخارج . كان يحب جداً أن يلوح لها من وراء نافذة العربة وهي تبتعد عن المنزل ، لم يكن يَسْلم من سخرية أقرانه وهو يفعل هذا ، لكنه لم يلق بالاً لهم فدوما ما يشتاق لوجهها الذي يحمل من الحزن بقدر ما يحمل من الحنان !!. لذا استمر في التلويح حتى اختفي وجهها عن ناظريه ، فعاد لمقعده في سكون . -- وصلت العربة إلى المدرسة فأخذ التلاميذ ترجلون عنها ، إلا هو فقد ظل بها حتى ذهب الجميع ، وانتظر حتى ذهب السائق ، ونزل منها في هدوء ، وهو يتلفت يميناً ويساراً ؛ لم يكن يعلم ماذا يفعل ، وما الذي سيجنيه من هذا الأمر ، لكن تلك الفكرة الجنونية التي دارت بعقله ، واستحوذت عليه أخذت تقوده ، وهو مسحور لها . وعندما اطمئن إلى أمان المكان وخلوه من أي عين قد تراه ، انطلق خارجا من باب المدرسة في سرعة متجهاً إلى شوارع المدينة المزدحمة ، مسحورا بما تراه عيناه من عالم لم يكن يراه إلا من وراء نافذة عربة المدرسة . أخذ يتجول في الشوارع المحيطة بمدرسته ، وهو يتابع كل تفاصيلٍ تمرّ على بصره في شغف طفولي غريب . ربما استغرب المارة منظره بجسده الصغير وهو يحمل حقيبته على ظهره ، ناظرا في إنبهار لما يحيط به من أحداث هى لهم شئ عادي ، فهم لا يعلمون كم تمنى أن يتجول هكذا ، فكل ما يراه هو ذاك الممر الطويل الممدود أمام منزله ، الحاجب لأي حياة حوله ، والذي يشعره دوما بالضياع ، ووحدة المجهول . تابعت عيناه مشهدٍ لأب يلاعب طفله في حنان ، وضحكات الصغير تدوي في الشارع فتضفي عليه بهجة ، فسرت على شفتيه ابتسامة حزينة وهو يتذكر والده ، لكنه سارع إلى طرد ذلك من عقله تاركاً نفسه لتلك المتعة التي لم تكن يوماً في حسبانه !!. أمضى ساعات الدراسة كلها في التجول بالطرقات ، وأكل الحلوى ، ومشاهدة العصافير ، وهى تحلق في سعادة ، وحريّة ، وعندما لاحظ تأخر الوقت سارع بالعودة إلى المدرسة والإختباء في عربتها حتى صعد إليها التلاميذ ، وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة حالمة متجاهلاً ما سيحدث بالغد حينما تُرسل المدرسة لبيته خطابا بتغيبه عن الدراسة لذاك اليوم !!. | |
|